مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) منذ /02-07-2011, 11:13 PM   #1

خولة
مديرة الملتقى ♥
 
صورة خولة الرمزية

خولة غير متصل


 عضويتي : 460
 تاريخ إنتِسَآبيْ : Dec 2008
 مكاني : مكة
 مشاركاتي : 8,743
 التقييم : خولة has a reputation beyond reputeخولة has a reputation beyond reputeخولة has a reputation beyond reputeخولة has a reputation beyond reputeخولة has a reputation beyond reputeخولة has a reputation beyond reputeخولة has a reputation beyond reputeخولة has a reputation beyond reputeخولة has a reputation beyond reputeخولة has a reputation beyond reputeخولة has a reputation beyond repute
آخر تواجد: 05-15-2019 08:57 PM
قلمي الفرق بين الأصل والصّورة ، لـ نور الجندلي

الفرق بين الأصل والصّورة
لـ نُـور الجندلي

حسمت صديقة لي نقاشنا حول قناة فضائيّة للأطفال بالقول الفصل، حين عبرت عن امتعاضي لما تبثه باستمرار من أناشيد على مدى الساعة، وعن إدمان الجميع لما تبثّه، وإعجابهم الشديد بكل ما يُعرض مهما بلغ من إزعاج في الإيقاع، أو نشاز في الصوت، أو تنازلات في اختيار اللحن والكلمات وطريقة العرض، ليغدو كل شيء يصدر منها جميلاً محبباً للأطفال وأهلهم، مادامت كلمة هادفة تتوج جبينها، وتحسم كل الخلاف!

قالت كلمتها التي أسكتت الحضور، وأسكتتني طويلاً، ليس إيماناً مني بفكرتها، ولكن تأملاً لما قالت، وقد تزاحمت صور كثيرة لحظتها في مخيّلتي، فعجزت عن الكلام، قالت بأن أناشيد الأطفال التي يشاهدها صغارها في القناة رائعة، خاصة كونها ذات طابع فني وديني هادف وضعوا فوق هادف ألف خط، وأضافت بأنها تساعدها على ذكر الله بشكل مستمر كلما رددت مع المنشدين على الإيقاع... الله... الله... الله...

قالت أيضاً بأن هذه القناة تحتوي أطفالها، تربيهم عوضاً عنها، وهي المشغولة عنهم دائماً بالوظيفة، وبأعباء المنزل، فالقناة تعلمهم ما يجب دون عناء!

وهي بمواصفاتها القياسية باتت الدواء الشافي لكل العلل والأسقام التربوية، فما على الأم أو الأب إلا أن يضغطوا على زر التشغيل، ويتركوا الباقي على القناة، خاصة عندما تصدح الأصوات، وتبدأ الرقصات بإيقاعات ملوّنة، وكلمات قد تُفهم أو لا تُفهم، المهم أن يتخللها شيء ما يحمل نكهة الهادف، أو رائحة الهادف، أو شيئاً من لونه، تحمله لعقولهم المتابعة بكل اهتمام، لا يهم أن تكون الكلمة منتقاة بعناية، أو أن يكون اللحن معبراً، لا داعي لغربلة الأصوات ونخب الجيد من الرديء، الكلّ يغني مهما بلغ صوته من القبح، ومنهم من يؤلف ويغني ويلحن في آنٍ معاً، ربما لتخفيف الفاتورة قليلاً على ميزانية القناة...

لن أستفيض في هذا الأمر، فهذا شأنهم، وهم أحرار في انتقاء من يغني، وماذا يغني للأطفال، والأذواق تتفاوت في تمييز القبح أو الجمال، لكنني سأعود إلى نقطة الانجذاب بالأناشيد الدينية أو الهادفة إن صح أن يطلق عليها، باعتبارها الوسيلة الأساسية والسائدة التي تقدم أسرع الحلول، ذكر لله بطريقة عصرية، تربية متوجة بلحن جميل يزيح عناء التربية المباشرة الثقيلة على القلوب، ويوفر عناء سؤال المستشارين، فالمنشد ينادي ضد الكذب والغيبة والنميمة، والمنشد يطالب بطاعة الوالدين، والمنشد ينادي بالصلاة أيضاً، فهي إذاً عبادة متواصلة، تفيد في التغيير للأفضل...

لست ضد كلّ ذلك بالمطلق، بل على العكس فربما يكون الأمر إيجابياً إن تم الاهتمام به كما يجب، وعرضه كما يجب، وإن تم التعامل معه كما يجب، كأحد الكماليات في الحياة، ولكن أن تكون الأناشيد كل الحياة، وأن تغدو البديل عن العبادة أو القراءة أو التأمل، فهنا يجب التوقف طويلاً، خاصة وأن الأنشودة تحمل معها صورة المنشد، تتربع على هواتف الفتيات، وتتصدر أجهزة هواتفهم المحمولة وحواسيبهم، وترافقهم في كل مكان، في الطرقات والجامعات، أثناء الدراسة، وفي أوقات الفراغ، والمشكلة هي في قناعاتهم أنهم يقومون بأمر حسن، ينظرون إليه من باب كونه أفضل من الأغنيات الهابطة المنتشرة، فإما الأغنيات أو الأناشيد، أو لاشيء بالمطلق!

آلمني كون الأمر يتعلق بشكل وثيق بالعلاقة مع القرآن الكريم، والفجوة التي تتسع بشكلٍ واضح معه... قلة من يستمعون إليه بقلبٍ حاضر، قلة من يتدبرون آياته، قلة من يغوص في معانيه ويبحر في تعاليمه، وقد تبكيهم أنشودة، ولا تبكيهم آية، فالعلاقة

مقطوعة منذ زمن، والقلب قد اعتاد الأدنى ورضي به.


وحين تسألهم تراهم يجيبون على الفور، إننا نحفظ بعض الأجزاء، أي أننا بأحسن حال!!

وكأن الحفظ الذي يتم في دورات التحفيظ، بعد كثير من التحفيز والحفلات والجوائز والشهادات لقطع مرحلة، وحفظ صفحة أو بضعة صفحات لا تلبث أن تُنسى يبرر هذه الجفوة معه...

حتى في حالة الاستماع إليه، فإن كلمات الثناء تتعالى إن كان مقرئاً حسن الصوت، يمتدحون صوته، وكأن روعة الآيات لم تنساب إلى قلوبهم، لم تحرّكها فتجعلها تخفق بالحب والتوحيد والتمجيد للخالق العظيم.


لقد انقلبت الموازين، ومازالت مستمرة بالهبوط نحو الأسفل، وستبقى مادامت العلاقة بالله تعالى تُسطح بهذه الطريقة، والعلاقة بالقرآن تتحول إلى علاقة تأدية واجب، كما هو الأمر مع الصلاة وسائر العبادات... مع أن هذا الواجب لا يمكن تأديته مدى الحياة، لأنه يعيش مع الإنسان، ويحيا الإنسان به، لأنه القمّة الأسمى التي ترتقي بذائقته، وترشده إلى ما ينفعه، ولأن العلاقة به لا يمكن أن تتوطد وتوغل عميقاً مهما ردد صوت الأنشودة من كلمات، فستظل تلك الكلمات كلمات بشر قاصرة، مادامت لم تستطع أن تعلمهم حقيقة الذكر وجوهره، ونوع العلاقة مع القرآن وأهميتها، ومادمنا نأخذ الأمور ببساطة أكثر من اللازم، سنبقى نعيش على الهامش، فلنفتش عن الأصل دائماً، ولنبحث عن المنبع، سنجد قلبنا الذي فقدناه يوماً هناك...

ومهما رأينا الصور المعروضة والمتاحة في الحياة جميلة، فستبقى مجرد صور، ويبقى الأصل هو المصدر الحقيقي لمن يريد أن يبقى في هذه الحياة في خانة الأحياء، أحياء القلوب طبعاً.



















 - - - I S L A M G I R L S . C O M - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

الحمد لله حمداً تطيبُ به الحياة

؛

  الرد باقتباس