مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) منذ /04-08-2010, 12:57 PM   #2

همة داعيه
في ضيافَتِنا

همة داعيه غير متصل


 عضويتي : 2059
 تاريخ إنتِسَآبيْ : Mar 2010
 مكاني :
 مشاركاتي : 4
 التقييم : همة داعيه لا تَملك نقــاط ... وَفقهاَ اللهْ~
آخر تواجد: 04-08-2010 01:39 PM

{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُواِِ}: حققوا الإيمان على ما جاء في حديث جبريل حينما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الإيمان، سأله ما الإيمان؟ قال: ((أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره)) هذه أركان الإيمان الستة، فمن حققها تحقق له الوصف المخرج المنجي من الخسران، وشرح هذه الأركان الستة يخرج بنا عن موضوع الدرس، وهو موجود في مضانه.



فمن حقق آمن وأيقن وصدق واعتقد بدون تردد ولا شك ولا ريب، هذه الأركان الستة تحقق فيه وصف الإيمان. والإيمان عند أهل السنة قول باللسان واعتقاد وعمل، قول باللسان واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، هذه أجزاؤه التي يتركب منها، فمجرد الاعتقاد لا يكفي؛ لأنه دعوى لا بد عليها من دليل يثبتها بالقول فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أُمر أن يقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فلا بد من القول،


والقول أيضاً دعوى ما لم يصدقها العمل كما قال الحسن: ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.



{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِِ}: عطف الأعمال على الإيمان، من باب عطف الخاص على العام، للاهتمام بشأن الخاص والعناية به، وإلا فالإيمان متطلب للأعمال، فلا بد من العمل في الإيمان، فالتنصيص عليه -على العمل- للاهتمام بشأنه والعناية به.



وعملوا الصالحات، والصالحات جمع صالحة أو صالح، الأعمال الصالحات ما توافر فيها شرطا القبول، العمل الصالح ما توافر فيه شرطا القبول، الذي هو الإخلاص لله -جل وعلا- والمتابعة لنبيه -عليه الصلاة والسلام- فلابد من الإخلاص،


فلو أن إنساناً عمل جميع ما سمع به مما جاء الحث عليه في الوحيين لكنه لم يخلص في عمله لله -جل وعلا- ولم يرد به وجه الله تعالى فإنه لا يقبل منه، ولو عمل أعمالاً تستغرق أنفاسه هي في ظاهرها صالحة، ويريد بها وجه الله تعالى لكنها ليست على منهاج النبوة، وليست على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- فإنها حينئذ لا تقبل: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) يعني مردود عليه، {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[(2) سورة الملك]



قال الفضيل: أحسن عملاً، أخلصه وأصوبه، فإن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل وإن كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل، فلا بد من تحقيق هذين الشرطين، الإخلاص لله -جل وعلا- وأن يكون صواباً على سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-.




قد يقول قائل –وقد قيل-: لماذا لا نكتفي بالشرط الثاني، أن يكون عملنا على مقتضى ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لماذا نشترط الإخلاص؟



لأن العمل إذا لم يكن على، يعني إذا كان على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- فإنه لا بد أن يكون خالصاً لله -جل وعلا- وإذا لم يكن خالصاً، فإنه لن يكون على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- شامل للأعمال الظاهرة البدنية وأعمال القلوب، فإذا كانت صورة العمل مطابقة لما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لكنه ليس العمل خالصاً بل دخله وشابه ما شابه من مراءاة الناس أو التشريك في عبادته فإنه لن يكون على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا حاجة إلى الشرط الأول، هكذا قال بعضهم. الكلام سليم أو ليس بسليم، مستقيم أو غير مستقيم؟




نقول: لسنا بحاجة إلى أن نقول بالشرطين، يكفينا الشرط الثاني؛ لأنه إذا كان على هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- صواباً على سنة محمد -عليه الصلاة والسلام- فإنه لا بد أن يكون خالصاً، فلا داعي لاشتراط الإخلاص.
تنصيص أهل العلم على الإخلاص للاهتمام به والعناية بشأنه؛ لأن كثيراً من المسلمين لو لم يذكَّر به لنسيه، فالنية شرود، ويذكر، وجاءت فيه النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة, ويتردد في كلام أهل العلم وهو شرط مؤكد عندهم يكررونه في كل عبادة من أجل أيش؟ أن يتذكره الإنسان فلا يعزب عن باله، وإلا فالنية شرود، النية شرود,



أن تدخل بنية خالصة جئت إلى المسجد لتؤدي هذه الصلاة ولم ينهزك عن بيتك إلا هذه العبادة لله -جل وعلا- ثم بعد ذلك إذا كبَّرت النية لا بد أن تستحضرها، ولا تروح يمين وإلا يسار تفوتك، ويطرأ على الإنسان في أثناء صلاته ما لا يخطر في باله، فالناس لا بد من تذكيرهم بهذا الشرط والتنصيص عليه وإن كان كلام الآخر له وجه، لكن لا بد من التنصيص على مثل هذا؛ لأنه لو غفل عنه لمالت المقاصد بالمكلفين يميناً وشمالاً..




{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا}: عملوا الصالحات, لا بد من العمل لتتحقق النجاة من الخسران الذي حكم به على جميع الناس؛ لأن الإنسان وإن كان لفظه لفظ المفرد، إلا أن المراد به الجنس.



{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِِ} تحقق فيهم الانتفاع، تحقق فيهم ما ينفعهم ويخرجهم من الحكم العام بالخسارة على جميع الناس فحققوا الإيمان وعملوا الصالحات وبقي النفع، بقي النفع المتعدي، فعلى الإنسان أولاً أن يعلم ثم يعمل ثم بعد ذلك ينفع.




{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ}: هذا الحق وهذا الإيمان، وما يطلبه هذا الإيمان إذا عمل به في نفسه انتفع كثيراً، لكن من متطلبات هذا الإيمان نفع الآخرين، من متطلبات العمل الصالح أيضاً التعدي، أن تكون هذه الأعمال الصالحة متعدية، وتواصوا بالحق، التواصي تفاعل، لا بد أن يكون من طرفين، فكل واحد يوصي أخاه بالحق الذي هو الدين، الدين بجميع فروعه، وأصوله، هو الحق وماذا بعد الحق إلا الضلال، فإذا تواصى المسلمون بالحق نجوا من الخسارة،



وتواصوا أيضاً بالصبر؛ ؛لأن الإنسان إذا علم هذا الدين وهذا الإيمان وعمل به ودعا غيره إلى هذا المطلوب المنجي من الخسارة المحكوم بها على العموم، فإذا تواصى مع غيره لا بد أن يناله ما يناله من الأذى؛ لأن الناس لا يحتملون – يعني الناس جبلوا على ألا يحتملوا- من يعارض شهواتهم ونزواتهم،



فلا بد أن يحصل له ما يحصل من الأذى، فعلى هذا يوصي نفسه ويوصي غيره بالصبر، يوصي نفسه ويوصي غيره ويوصيه غيره أيضاً بالصبر، لا بد أن يتواصوا بالصبر؛ لأن الطريق شاق فالذي لا يتعرض للناس، بمعنى أنه لا يأمرهم ولا ينهاهم هذا في الغالب سالم منهم, ما في أحد يعتدي إلا إنسان ظالم،



لكن الذي يرجو أن يعم نفعه وخيره وفضله وعلمه ويتعدى إلى الآخرين لا بد أن يناله ما يناله، وتنظرون فيمن يتولى الأمر والنهي والدعوة, تنالهم مشقة عظيمة، مشقة لاحقة ببدنه، مشقة لاحقة به من قبل غيره, فتجد الذي يقف ويحول دون الناس ودون شهواتهم ويوصيهم بالحق لا بد أن يوصي نفسه أولاً ويتجمل بهذا الخلق العظيم الذي هو الصبر،



فلا بد من الصبر؛ لأن الجنة حفت بالمكاره, والمكاره تحتاج إلى صبر، والصبر حبس النفس فلا بد من أن يصبر على طاعة الله, ولا بد من أن يصبر عن معصية الله, ولا بد أن يصبر على أقدار الله المؤلمة التي تخالف ما يشتهيه، فلا بد أن يصبر على جميع ما يعترضه في طريقه في علمه في دعوته في أمره في نهيه وجميع ذلك لا بد فيه من الصبر، لا بد أن يصبر ولا بد أن يحتسب,




وبعض الناس تجده على شفه بمجرد أدنى هزة ينكص على عاقبيه, لا يتحمل ولا يصبر فالمسألة تحتاج إلى صبر, والأنبياء حصل لهم ما حصل من أقوامهم، والعلماء والدعاة حصل لهم ما حصل, فلا بد من الاهتداء بهدي من سبق، ولا بد من التحمل والصبر على جميع الأذى الذي ينال الإنسان بدعوته وأمره ونهيه؛ لأن الطريق ليست كما يقول المعاصرون مفروشة بالورود، كل من أتاه ليدعوه وينكر عليه أو يأمره بالمعروف استقبله استقبال...بعض الناس يضرب من يأمره، بل حصل الأمر إلى القتل، والأمر جد خطير، فقتل من يأمر الناس بالقسط مقرون بقتل الأنبياء نسأل الله السلامة والعافية،




وحصل لهذه الفئة -أعني أهل الحسبة أهل الأمر والنهي- يحصل لهم ما يحصل أكثر مما يحصل لغيرهم، يعني يحصل لأهل الأمر بالمعروف من الأذى أكثر مما يحصل للعُبَّاد، أكثر مما يحصل للدعاة، أكثر مما يحصل للعلماء والمعلمين؛ لأن أولئك في الواجهة، يعني يسعون إلى الحيلولة بين العصاة ومعاصيهم، فيحولون بين الناس وشهواتهم ونزواتهم, فيتعرضون لهم بما يؤذيهم فلابد من الصبر، فلابد من الصبر, والله -جل وعلا- يقول:{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}[(155) سورة البقرة] فلا بد من الصبر.









والله أعلم, وصلى الله وسلم على وبارك على عبده ورسوله, نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.






انتهى..


المصدر: موقع الشيخ الدكتور: عبــد الكريـــم بن عبد الله الخضيــــر حفظه الله



ولي عودة -باذن الرحمن- لوضع الاسئلة التابعه لهذا الدرس واجوبتها ورابط الدرس كذلك..




















 - - - I S L A M G I R L S . C O M - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -